-->
منشوراتي | Manshourati منشوراتي | Manshourati

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

 

يشير البحث في تأريخ هذه المدينة عبر تطورها منذ أقدم العصور يبدأ تاريخ تكريت منذ ظهور أقدم استيطان حضاري في حوض دجلة الأعلى، إذْ كانت المدينة تكريت إحدى أبرز مناطق الاستيطان البشري في العراق قديما ، فهي تضم مستوطنات تعود إلى الألف السادس قبل الميلاد وتعد هذه المدينة واحدةً من أقدم ثلاث مدن قد أكسبها موقعُها الاستراتيجي شهرةً كبيرةً، حيث دخلتها الديانة المسيحية منذ الوهلة الأولى ومن أوائل المدن()، وأصبحت ذات أهمية في الديانة  المسيحية حيث تعد ثالث مدينة بعد روما والقسطنطينية، فأصبحت مقراً لكرسي المفريان() ، (ماروثا التكريتي) الذي أصبح تحت إدارته اثنتي عشرة أبرشية كانت اغلبيتها  قائمة في بلدان الجزيرة العربية، وكان ذلك نحو السنة الثالثة لهجرة الرسول () إلى المدينة المنورة() . وأصبحت تكريت ذات هوية سريانية ورُشِّحتْ أنْ تكونَ منبراً للدعوة للأمر السماوي حيث جعلت سنة (559م) العاصمة الدينية لسريان الشرق()، أعطى دخول المسيحية إلى مدينة تكريت أهمية أخرى تضاف إلى أهميتها العسكرية والتاريخية من خلال الكنائس الدينية الكثيرة التي انتشرت فيها، وما احدثته من حركات ثقافية واسعة في المدينة على الرغم مما عكس دخول المسيحية إليها من تنازع وتصارع بين الفرس والرومان انعكست آثارها سلبا على المدينة وأهلها(). دخلت تكريت في دين الإسلام على يد القائد عبدالله بن المعتم العبسي قائد جيوش الفتح العربي الإسلامي عام 636م الموافق 16هـ، وأصبحت تكريتُ قاعدةً لجيوش العرب المسلمين المتجهة من المدائن نحو شمال العراق إلى الموصل والجزيرة الفراتية بكاملها()، وبعد دخول الجيش الإسلامي إلى تكريت أخذت المدينة صفة (كورة) وهي منصب إداري أعلى من القرية وباتت تتبع للموصل من إقليم

الجزيرة() ، فبدأت قاعدتها الحضارية تقوى وتترسخ من خلال الأنشطة المختلفة التي شهدتها على كافت الأصعدة ومرت تكريت بفترات من التقلبات السياسية التي حدثت في الدولة الإسلامية منذ بدايتها الأولى، فلم يكن موقعها المميز مجرد فقط بالشاهد على كل الأحداث، بل أسهمت فيها بدور مهم وفاعل في أغلب تلك الأحداث() .

لا زالت تكريت تحتفظ بوظيفتها التجارية كونها محطةً رئيسةً مباشِرةً لتجارة القوافل النهرية والبرية، وقد برز عدد غير قليل من التجار ونشاطهم في تكريت من خلال الفترة الإسلامية في العصر العباسي () لعهد العباسي عهد الإشراق الحضاري الإسلامي باتت تكريت أكثر نصيبا من غيرها من المدن في الاهتمام والأهمية في كافة المجالات الحضارية والمدنية. خاصة بعد ما جعلت سامراء عاصمة الدولة العباسية إذْ حكمها عددٌ من الأصحاب والمقربين لمؤسسة الخلافة، كما واهتمامها  عدد من الخلفاء العباسيين المتأخرين يأتي في مقدمتهم  الخليفةُ القائم بالله والخليفة الناصر لدين الله والخليفة المستنصر بالله فامتلأتْ بالخلق من كافة  الأعراق وبُنيتْ بالمساجد وانتشرت الحرفية والأسواق والحمامات()،  واهتمت ببناء المدارس الفقهية والربط ودور الحديث() ودور إقراء وتحفيظ القرآن الكريم()،  وكان دورها بارزاً في الحركة الفكرية التي ازدهرت في الدولة العباسية في وقتها ولقد برز منها  العديد من العلماء في فنون المعرفة المختلفة()، وظلت تكريت في ظل الحكم الإسلامي تنعم بالعيش والحياة ونعمة حتى الغزو المغولي للعراق , تكريت شأنها شأن المدن العراقية التي طالتها أيادي المغول وتعرضت للتدمير والتخريب على يد المغول بقيادة هولاكو()،  ثم على يد تيمورلنك() . وأمست تكريت البلدة صغيرة تحت السيطرتين المغوليتين المتعاقبتين على الرغم من أنّها كانت ذاتَ أهمية من الناحية التجارية بالنسبة لصد الغزاة إذْ عدت مدينة متوسطة لها حاكم بمنصب أمير ()، كما عدت إحدى أهم معاقل المقاومة العربية الإسلامية ضد وجود المغول الغزاة كما أصبحت معقلَ الثوار ومكانَ الأحرار () . ولقد تكلم عن أمر تيمورلنك مع تكريت العلامة ابن خلدون في ذكره (وقد كان بعدما استولى تيمور على بغداد زحف بعساكره إلى تكريت مأوى المخالفين وأناخ عليها بجموعه أربعين يوما فحاصرها حتى نزلوا على حكمه وقتل ما قتل منهم ثم خربها وأفقرها وانتشرت عساكره في ديار بكر إلى الرها) () . أمّا صاحب كتاب عجائب المقدور في أخبار تيمور فذكر عن تكريت يقول (أن تيمور في أول هذه السنة 795 سار بنفسه وعساكره إلى تكريت وحاصرها في بقية المحرم كله ودخلها عنوة في آخر الشهر فقتل صاحبها وبنى من رؤوس القتلى مئذنتين وثلاث قباب وخربت البلد حتى صارت نفرة وأثخن في قتل الرجال وأسر النساء والأطفال) ()،  وعلى هذه المشهد المؤلم ظلت تكريت سنين طويلة.

اما في فترة الحكم العثماني فاستعادت مدينة تكريت عافيتها من جديد حيث أصبحت تكريت (سنجق بكي) ما معنى لواء تتبع لولاية الموصل ويديرها أمير يلقب بك(). وتتبع لها عدة مناطق مثل سميكة (الدجيل) إلى منطقة حمرين الفتحة عند حمرين وتعسكر قوة من الجيش العثماني بمستوى لواء. وبقيت تكريت بدرجة (لواء) سنجق خلال الفترة 1518م-1872م(). وكانت متقلبة في التبعية الإدارية بين ولايتي الموصل وبغداد مثال على ذلك إنّها وفق إحدى الوثائق التي تعود للفترة 1563م-1574م حيث كانت سنجق يتبع ولاية بغداد() ، وحسب سالنامة عام 1849م كانت سنجق يتبع ايالة بغداد() .ثم بعد أنْ أُنهيَ  الدورُ المباشر في الحكم أي بعد أنْ أعاد مدحت باشا (1869-1872) في تنظيم الإدارة في العراق وتأسيس الحكم المباشر فيه تم إعادة النظر في مستوى تكريت الإداري انتهت درجة (سنجق) التي كانت تتمتع بها. ورُسمتْ بدرجة ناحية تابعة لقضاء سامراء في (1872) وبقيت على مستواها المذكور حتى نهاية العهد العثماني ترتبط فيها عدة قرى منها إمام دور (الدور) ودجيل (سميكة) وبلد وعوجا (العوجة) وكانت في هذه الفترة تمتلك جيش باسم (عسكر تكريت)()

وكذلك كانت في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني مقرا لنقابة أشراف الخمس بلدات والتي هي (سامراء وتكريت وبلد والدور وسميكة) ()، قد انتهى الاحتلال العثمانيين في تكريت في عام 1917 إذْ بدأ زحف القوات البريطانية إلى احتلالها لمدينة بغداد ومن ثم احتلال سامراء ثم احتلال تكريت في

 6تشرين الثاني من عام 1917 بعد معركة شهدت خاسرة للعثمانيين حدث خلالها سقوط عدد من قذائف المدفعية البريطانية على بعض بيوت تكريت والمسجد وأدت إلى استشهاد عددا من المواطنين انتهت عملية احتلال تكريت بارتفاع طائرات البريطانيين للوقوف على الموقف النهائي في المدينة. واصبحت تكريت من ضمن مدن الاحتلال البريطاني. المنطقة الوحيدة بين سامراء والموصل الذي أمكن أنْ يطلق عليه اسم مدينة حسب ما جاء بتقرير الاستخبارات البريطانية عن العراق. وكانت طيلة فترة عملية الاحتلال مقرا لبعض قطعات الجيش البريطاني وبعدها قامت الملكية في العراق عام 1921م وأصبح العراق تحت الحكم الملكي حيث كانت تكريت في فترة الحكم الملكي ناحية تتبع قضاء سامراء التي بدورها تتبع لواء بغداد(). بعدها تم إعادة النظر في مستوى الاداري لتكريت في عام 1951م، فأصبحت قضاءً يتبع للواء بغداد بعد أنْ صدرت إدارة الحكم الملكي المرقمة 350 والمؤرخة في الثاني عشر من حزيران 1951م والتي تنص بإلغاء ناحية تكريت وأحداث قضاء باسم تكريت يتبع لواء بغداد، وأن ناحية بيجي تتبع لقضاء تكريت()، وفي عام ١٩٦٢م، استحداث ناحية أخرى باسم ناحية العلم لتتبع لقضاء تكريت اسمها المحلي (الخرجة) وجاء أحداثها بموجب المرسوم الجمهوري المرقم 110 لسنة ١٩٦٢، وبذلك يصبح قضاء تكريت واحداً من سبعة اقضية تتبع لواء بغداد خلال النصف الأول من ستينات القرن الماضي() .

3 - أسباب نشأة مدينة تكريت

هناك آراء عديدة طرحت بشأن أسباب نشأة تكريت منها:-

- العامل الإداري هو أحد الأسباب المهمة في  قيام نشأة تكريت إذْ يمكننا استنتاجه على موقعها    الجغرافي الواقع على الحد بين حضارتي الآشورية في الشمال و الحضارة البابلية في الجنوب، فهي     تعد نقطة وصل ومنطقة حياد فاصلة بينهما.

- العامل الاقتصادي هو أبرز عامل لنشأة تكريت كمدينة، إذْ يبنى دليله على الموقع الطبوغرافي لها بسبب موقعها التجاري والزراعي والحرفي والتمويني، اطلالها على دجلة سهل عليها أنْ تكونَ منطقةً زراعيةً تُسقى بماء النهر الذي يستعد للدخول إلى السهل الرسوبي()

- العامل الاجتماعي والذي يبني استنتاجه على فرضية الانصهار الاجتماعي نحو تحقيق الأهداف المشتركة للملوك الاشوريين والملوك البابليين، والرامية لتكون دولة واحدة لكل أرض الرافدين().

- العامل السياسي: كان وراء نشأة تكريت معربا من موقعها الجغرافي  السياسي التي كان لها أنْ تكونَ وحدةَ التحكم في المرور بين دول الشمال ودول الجنوب، كما أريد لها أنْ تكون ثغراً فاصلا يسيطر على الحدود بينهما بسبب موقع مدينة تكريت الفاصل أطراف حدود الدولتين الآشورية والبابلية().

- العامل ديني : يرجح سبب نشأتها وبيئتها، مستدلاً في ذلك بشواهد كتابية مسمارية تشير إلى ورود ذكر تكريت في عهد حضاري ومركز عبادة وادي الرافدين الذي هو أقدم مراكز العبادة في التاريخ والمقصود به الوركاء، الذي ذكر في إشارة حول العبادة القديمة سكان تكريت وعلاقتها بالعبادة القديمة لسكان الوركاء().العامل العسكري والحربي: موقع تكريت أهمية سوقية وتعبوية بالنسبة لخطط العمليات العسكرية لدولتي الشمال والجنوب على مدار العصور المنصرمة، وهي تعد نقطة فاصلة رئيسة في خط المواصلات النهرية().  ومن الأدلة الأخرى على أهمية العامل العسكري لنشأة المدينة نستدل من أسماؤها في الماضي كان اسم القلعة (بيرتو birtw) أو (برتا bitra) وتعني حسب اللغة الأكدية القلعة المحصنة أو الحصن المنيع. ومما تقدم نستخلص أنّ اسم تكريت له يدل على دورها الحربي بين الدولتين الشمالية والجنوبية في العراق القديم الذي نصت الشواهد والدلائل التي ذكرتها سابقاً وكانت لها علاقة بعوامل النشأة .

بقلم : همام العزاوي

بقلم : همام العزاوي

يوتيوبر عراقي و مدون عربي ناشئ يهتم بكل ما هو جديد في عالم التكنلوجيا و التقنية والثقافة العامة و هدفه الأول هو تصحيح الأفكار و الدروس الخاطئة التي ينتهجها المجتمع العربي والمنشورة في الويب على نطاق واسع .

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عن الموقع

تغريداتي

جميع الحقوق محفوظة

منشوراتي | Manshourati

2016